الصفحة الرئيسية » تطوير الذات

هل حدث لك من قبل أن شاركت في أحد الاجتماعات، ومرت الساعات ووجدت نفسك تتساءل: ماذا أفعل هنا؟ أو أنك حضرت اجتماعًا شعرت أنه ما من هدف محدد ولا مغزى أو فائدة من حضوره؟ هل اشتركت يومًا ما في اجتماع عمل لم ينتهي إلى نتيجة فعالة ومؤثرة؟ إن كانت إجابتك على الأسئلة السابقة بنعم، فاعلم أن المشكلة ليست في الاجتماعات، وإنما في كيفية إدارتها وسبل الاستفادة منها.

أرقام وإحصائيات:

        هل تعرف نسبة ما يقضيه المدير الأمريكي من وقت عمله في الاجتماعات؟ إنه يقضي ـ بحسب ما توصل له هنري منتزبرج ـ ما يوازي 69% من وقت عمله في الاجتماعات، بل ويعقد في الولايات المتحدة وحدها ما بين 12 إلى 15 مليون اجتماع في كل يوم عمل.

        وتذكر لنا دراسة أجرتها شركة أمريكية تدعى (3M) أن عدد اجتماعات العمل قد تضاعف ثلاث مرات وتكاليفها تضاعفت أيضًا ثلاثة أضعاف في أمريكا.

        وأثبتت هذه الدراسة أيضًا أن ثلث أوقات العمل الرسمية للإدارة الوسطى يذهب في الاجتماعات، وأن 50% من وقت عمل الإدارة العليا يصرف للاجتماعات، وأن 4-15% من ميزانية شئون الأفراد تذهب لاجتماعات العمل.

        أما في وطننا العربي، فقد أشارت بعض الدراسات التي أجريت في المملكة العربية السعودية، أن عدد الاجتماعات التي شارك فيها بعض الأفراد قد وصل إلى 400 اجتماع في اسنة، وأن 11% من أفراد العينة بلغ عدد اجتماعاتها ما بين 100-199 اجتماعًا في السنة.

        وحتى الآن ليس هناك ثمة مشكلة في إنقاق الوقت والجهد في اجتماعات العمل، ولكن المشكلة الحقيقة تكمن في فاعلية تلك الساعات، ففي دراسة أخرى لشركة (3M) أجرتها عام 1988م، وجدت أن 52% فقط من كل هذه الاجتماعات فعال ومثمر، بينما 22% منها كان الممكن الاستعاضة عنه بمذكرة أو حوار هاتفي.

إذن، لماذا الاجتماعات؟

        وقد يتساءل البعض، وإن كانت الاجتماعات مضيعة للوقت، قليلة الفائدة كما اتضح لنا من الاحصائيات السابقة، فلماذا التشبث بها؟ ولمَ لا نقوم بإلغائها تمامًا؟ ونستثمر تلك الأوقات في العمل والإنتاج وتطوير الأداء.

        وهنا نجيب على هؤلاء بأن تلك الاجتماعات لها أهمية قصوى، ولكن بشرط أن نقوم بإداراتها بشكل جيد وفعال، وحينها سيكون لنا من الثمرات والفوائد الكثير، فنتجنب تلك المشكلات والعقبات، ونجني تلك الثمرات وهذه الفوائد، والتي من أهمها ما يلي:

1. وسيلة جيدة لمتابعة الأعمال والمهام ومراقبتها بشكل دوري؛ مما يتيح الفرصة لتصحيح الأخطاء، وتعديل المسار في حالة الحاجة إلى ذلك.

2. فرصة سانحة للتفكير بشكل جماعي، والقيام بعملية عصف ذهني، يعرض فيها كل من المجتمعين آراءه ومقترحاته؛ مما يفضي إلى رأي ناضج، وفكر سديد، وموقف صحيح.

3. إشراك المجتمعين في اتخاذ القرارات، ومن ثم يصنع ذلك نوعًا من الانتماء للمؤسسة، كما يشعر كل فرد فيها بمشاركته الفعالة في نجاح مؤسسته، ويرفع ذلك من حماسته في تطبيق ما اتفق عليه من قرارات.

4. وسيلة لتدريب بعض الأفراد على تنمية مهاراتهم السلوكية والمهنية، خاصة إن كان المشتركون ذوي خبرة ودراية، فينقلونها إلى غيرهم.

5. طريقة جيدة لاكتشاف المواهب والقدرات والإمكانات البشرية المتاحة للمؤسسة؛ مما يرفع من كفاءة الكادر الإداري والبشري، وينعكس ذلك بالضرورة على إنتاج المؤسسة ونموها.

6. وسيلة هامة لتوحيد الأفكار والتوجهات، وتنسيق المهام والمسئوليات؛ فتنطلق المؤسسة إلى هدفها الواحد، برؤية مشتركة.

7. طريقة للاتصال المباشر يتم من خلالها نقل المعلومات والآراء من المستويات الإدارية العليا إلى الوسطى والدنيا، وبالعكس.

        ولكن ليس كل اجتماعات العمل تتحقق فيها تلك الفوائد، ولكن لابد أن يكون اجتماعًا فعالًا ومثمرًا، وذلك من خلال إدارته بشكل جيد، فإن مفهوم إدارة الاجتماعات يعني كما يقول الدكتور علي الحمادي في كتابه "فن إدارة الاجتماعات": (القدرة على الاستفادة من الإمكانات البشرية المتاحة، والإمكانات المادية المتوفرة؛ لتوجيه الاجتماع وقيادة المشاركين فيه بأقصى كفاءة وأقل تكلفة وأقصر وقت؛ لتحقيق الأهداف المرسومة له).

        ومما سبق تتضح أركان إدارة الاجتماعات الفعالة، وهي كما يلي: القائد، الأفراد، الإمكانات البشرية والمادية، الكفاءة، التكلفة المادية، الوقت، الأهداف.

لماذا تفشل الاجتماعات؟

        إذًا فإن لاجتماعات العمل ثمارًا عديدة، وفوائد جمة، ولكن كثيرًا ما تفشل تلك الاجتماعات، وتكون قليلة الغناء، ولابد لذلك من أسباب، ومن أهمها ما يلي:

1.   الإعداد غير الجيد:

         وذلك سبب من أسباب الفشل في الحياة عامة، وكذلك في اجتماعات العمل، فعندما لا يعد لها جيدًا، فسيقول كل مشترك ما يخطر على باله من الآراء دون سابق تفكير، مما يؤدي إلى منازعات بين أفراد الاجتماع، يضيع معها الوقت ويستنفذ الجهد، ويفقد الاجتماع مراده.

2.   افتقاد الهدف أو الغاية:

         فإن حضور اجتماع ليس له هدف واضح، ومحدد مسبقًا، بمثابة من يلقي بثروة عظيمة من المال في مياه البحر، فيصبح حضور الاجتماعات أمرًا روتينًا غير محبب للمجتمعين، كما أن كل مشارك يجنح إلى الفردية وحب الظهور، مما يدفعه إلى الاعتداد برأيه دون قبول آراء الآخرين وانتقاداتهم.

3.   طول فترة الاجتماع:

         وقد يكون ذلك بسبب زيادة عدد الحاضرين عن الحد المناسب، أو قد يكون بسبب عدم وضوح الهدف، أو الإعداد غير السليم للاجتماعات، ومن ثم يتطرق الحاضرون إلى أمور غير هامة، فتأخذ من الوقت والجهد الكثير، خاصة إن طلب مدير الاجتماع تغذية عكسية (Feedback)، بمعنى أن يطلب آراء جميع الحاضرين في مسألة ما.

4.   ضعف أو غياب المتابعة:

         فقد يكون الهدف من الاجتماع واضحًا، وجدول الأعمال معدًا بشكل جيد، وعدد الحضور مناسب، فيخرج الاجتماع بجملة من التوصيات والقرارات الفعالة، ولكن ليس هناك آلية لمتابعتها، فبدون المتابعة لن تعدو هذه القرارات وتلك التوصيات أن تكون حبرًا على ورق.

وختامًا:

        إن وجدت ـ عزيزي القارئ ـ نفسك تحدثك بإهمال عقد اجتماعات العمل؛ لما فيها من مضيعة الوقت، فتذكر دائمًا ذلك الوصف الدقيق لاجتماعات العمل الذي قاله خبير من خبراء الإدارة وهو بوب نيلسون في كتابه "الإدارة للمبتدئين": (إن الاجتماعات تعد المنتدى الرئيسي حيث يتصل أعضاء الفريق ببعضهم البعض، وحيث يقومون بأعمالهم، ومع تزايد فرق العمل في شركات اليوم فقد أصبح من الواجب إتقان المهارات الأساسية لإدارة الاجتماع).

        وهكذا نكون قد انتهينا من الجزء الأول من تلك النصائح الذهبية لاجتماعات العمل الناجحة الفعالة، وإلى لقاء قريب مع الجزء الثاني من تلك النصائح، والذي سنتعرف فيه بإذن الله على كيفية التعامل مع الأنماط المختلفة من الشخصيات التي تشارك في اجتماعات العمل، كما سنقدم لك فيه ـ عزيزي القارئ ـ جملة من الواجبات العملية الواقعية، لا ينقصها سوى أن تضعها موضع التنفيذ، وستكون النتيجة باهرة بإذن الله

 

هل تعرف مسبقاً الدورة المناسبة لك؟

تواصل معنا عبر البريد الإلكتروني إتصل بنا